Sunday 17 February 2008

من مراحل الطريق

قصيدة "من مراحل الطريق" و التي قدمها الأديب بعبارة من قول الأديب العربي الكبير "عباس محمود العقاد" ... أعتبرأنا شخصيا قصيدة "من مراحل الطريق" من أجمل ما نظم الأديب الراحل و هي منشورة في ديوان "الفجر الزاحف" (ص 14 - 17).


"من مراحل الطريق"


"لقد علمتني تجارب الحياة أن الناس تغيظهم المزايا التي ننفرد بها ، و لا تغيظهم النقائص التي تعيبنا" ... (عباس محمود العقاد)


اليوم قد أضحى جميلك منكرا *** و مشى عدوك شامتا متبخترا
رام الوصول فنال كل مرامه *** من بعد أن حطب الدسائس و إفترى
و سعى إلى صدر الصديق يثيره *** ليت الصديق لدى الإثارة فكرا
و رنا إلى ماضي الوداد بنظرة *** و سعى إلى الرأي الصحيح و قدرا
لكنه أصغى فناصر حاقدا *** و أساء ظنا و إستشاط تنكرا
و أراق من كأس الوداد رحيقه *** فأبى الرحيق على الجفا أن يقطرا
يا للصداقة إذ ينال سماءها *** قزم بأذيال الهوان تعثرا
متخبط كتخبط الخفاش في *** وهج السراج و ذاك حتف لو درى
يا للصداقة هل هوت بمكيدة *** فغدت كحلم طاف في ساع الكرى
عاشت كأعوام الشباب بهية *** فإغتالها قزم عتا و تنمرا
أني لألمسها لدي فتية *** ليست تشيخ و لو توالت أدهرا
و هو الوفاء إذا ضللت سبيله *** فلدي يلقى نهجه كل الورى
يا دهر هل أبقيت سهما لم يصب *** قلبا لكثرة ما رميت تفطرا
و على سماتي من مسيل نجيعه *** أثر عن الألم المبرح عبرا
أذويت زهو شبيبتي في بدئه *** و حكمت أن أحيا معاشا أبترا
جاوزت حد الأربعين و لم يزل *** عيش التشرد لي نصيبا قدرا
ودعته و على فؤادي حسرة *** لما تزل تبدو جحيما مسعرا
و تركت فيه عشيرتي و مرابعي *** و لو إستنمت لنلت حظا أوفرا
لكنني فضلت عيش تشرد *** من أن أرى وطني حماه مزدرى
و وجدت في الخل المواطن ملجأ *** أدعوه للإنجاد إن خطب عرا
فوفى و أنجد كلما ناديته *** و لطالما لاقيت دربا مقفرا
كم نال منه القلب كل تعلة *** عما قسا في دهره و تكدرا
يا دهر قد خادعتني فرميتني *** ظلما و كنت بصفو سلمك أجدرا
فلكم طويت على الهموم سريرتي *** و ظهرت أقدر ما أكون و أصبرا
أخفي الأساءة في الفؤاد و مظهري *** يودي بخصمي خيبة و تحيرا
يا دهر قد خادعتني فحسبتني *** أني وجدت لديك سلما أوفرا
ما أن لمحت معيشة في موطني *** حتى سعيت موافقا و مشمرا
لا فرق عندي قط في أجزائه *** سهلا جميلا أو نجيدا أوعرا
فأتيتني بالنكد بين مباهجي *** من مأمني فقطفت ظنا منكرا
أعمان قد جمع الزمان صروفه *** لكننا في الحب لن نتغيرا
أنت المرام لمن أراد معزة *** أنت المقام فعنك لن نتخيرا
و لكل فرد من بنيك معزة *** في القلب أن أوفى لنا أو قصرا
أعمان قد ظلم الزمان و أوشكت *** نكباته أن تستفز فتظفرا
حتام نصمد للخطوب كريهة *** و نكاد من تكرارها أن ندحرا
حتام يغمزنا غبي أحمق *** فينال منا ما يشاء و أكثرا
سهل عليه منالنا بكذابه *** صعب علينا أن نرد فننصرا
"نحن الذين على التشرد عودوا *** و على المنافع قد سكنا المهجرا
فليلق من حقد إفتراء أننا *** صرنا على حمل المهانة أخبرا
و إذا أبينا الذل دون إبائنا *** وطن تولاه الدخيل فسيطرا"
السجن بعض عقابه و القتل من *** إرهابه و القصف كم قد أمطرا
بل نستكين لكل أمر حازب *** و ليبق ما في القلب سرا مضمرا
يفري حناياه و يقطع لحمه *** فالليل أخنى و النجاح تعذرا
الموطن المحبوب زاد مشاكلا *** مذ رام قادته حياة أنضرا
فعلى المواطن أن يذل بغربة *** حتى يرى أفق التجمع مزهرا
ليسير في الزحف المقدس همه *** إحباط لندن حين تحمي قيصرا
فيعيد للوطن العزيز تليده *** و يرى بنوه كفاحهم قد أثمرا
و يسير في ركب العروبة جاهدا *** حكما و شعبا واثبا متصدرا


دبي - 19/6/1964 م

ديوان الفجر الزاحف - ص 14 -
17

2 comments:

david santos said...

Hello, 7Medino!
Thanks for your posting and have a good day.

Anonymous said...

هل لنا بامزيد من هذا الرجل العظيم

ابحث عن مؤلفاته في مقدمتها ديوان الفجر لزاحف و ملائكة الجبل الاخضر
فلا تردني
للتواصل

redshoot@widowslive.com