Thursday 26 February 2009

صمت الحليم

مكانك يا نفس لا تنطقي *** و إلا فانك في مأزق

سكوتك عقل به ناطق *** و نطقك من خلق الأحمق

و هيا اقرأي حكم السالفين *** و تحبيذهم عطل المنطق

فكم من عثار بهذا اللسان *** و كم من فضاء به ضيق

و انك نفس فحتى متى *** تذودين عن عالم ريق

نفاقا اذا ما اردت الكلام *** و صمتا اذا شئت ان تصدقي

فحرية الرأي مقبولة *** اذا كان صاحبه متقي

صمتنا و ان كثر الاضطهاد *** فصنا عن الجور ما قد بقي

فمن وطن بيع للسامري *** و آخر أعطي للأخرق

و من ثروة يحتسي نفعها *** مسبب واقعنا المملق

أخذنا السجية من بحرنا *** نعاف اللآلي و صخرا نقي

و كم بيننا من ذكي الفؤاد *** يقاومه الخصم إذ يرتقي

و كم بالمهاجر من معشر *** مضوا يبحثون عن المرفق

بلادهم تطعم الوافدين *** و أخلق باكرامهم أخلق

أليس العروبة أن نغتدي *** عبيدا لوافد ليل شقي

و نحفل حتى بشوك القتاد *** و نعمى عن الورد و الزنبق

و نصبر للمر صبر الكرام *** و نحيا بسالفنا الشيق

أليس العروبة أن ندعي *** و نخطب في صولة المفلق

نكرر نحن الأباة الأباة *** و نحن من الذل في موثق

تسير الخنافس نحو العلاء *** و نحن على جهلنا المطبق

***

أخي أيها العربي الغيور *** دعوتك دعوة حر نقي

دعوتك للوطن المستضام *** دعوتك للخطر المحدق

و قد طال ليل الهوان المرير *** و فجر الكرامة لم يفلق

اعيذك من نشء هذا الزمان *** و ما فيه من مسلك موبق

خلصت كما التبر بين التراب *** و سرت على نهجك الأصدق

و وعيت المشاكل وعي الحصيف *** فجئت بحلك كالفيلق

فمن نفسك النهج للاتجاه *** و من عزمك السير في المأزق

و خل الوعود و خل الخطاب *** نطقنا طويلا و لم نصدق

و هيا إلى العمل المستمر *** فإن التفاخر للأسبق

سنصمت لكن كصمت الحليم *** يهيئ للغضب المطلق

يثور به ثورة من يجيء *** لصد براكينها يصعق

فنخرج منها عظام النفوس *** و نظهر و المجد في المفرق

كذلك نحن و اما المقال *** فما هو إلا هوى المخفق

فيا أيها العربي الغيور *** تعال لمستقبل مشرق


25-6-1953
ديوان الفجر الزاحف
ص 22 - 24

Monday 23 February 2009

امسية على الخليج

إلى اللؤلؤة السائلة على ساحل الخليج العربي


سألت هل لك في سهرتنا هذي قصيدة

أنظر الليل و قد رصع بالأنجم جيدة

و أرمق الجو و قد لحن بالصمت نشيدة

أفما حرك في القلب أحاسيس جديدة ؟

قلت و الإغراء من حولي قد فاق حدوده

صوت حسناء بجنح الليل يستجلي وجوده

و حديث يجبر العازف أن يلقي عوده

ههنا تحلو الأماسي و يصب الكون جوده

مرحبا بالشعر تدعو لمعانيه خريده

صوتها ما زال للشاطئ في الليل نشيده

مرحبا بالبحر قد صاغ على الماء عقوده

و السما تمنحه الدر فيختار نضيده

و ضياء البدر أغناه بألوان جديدة

فبدا الشاطيء روضا نثر الأفق وروده

تسأليني عن قصيدي ؛ و هنا ألف قصيدة !


* * *


يا أماسي و يا جوهر أحلامي و فني

قد أنرت القلب من سحرك فالقلب يغني

و قبست الخمر من نجمك حتى فاض دني

و حفظت العمر من زهوك أن يمني بشين

أنت أكسير حياتي لخلايا الروح يغني

نهل الغواص منه فمضى للدر يجني

و على البحار من لألائه معنى التمني

و لدى العشاق منه أمل للحب يبني

يا حبيبي ههنا أعزف إنشادي و لحني

فلتسلني إن عندي من خليجي ألف لحن

و لتصلني فمن البدر شرابي ، فلتصلني

قهوتي من شعلة النجم بها يلتذ خدني

و نجاواي على الشاطيء سحر لك يدني

آه لو أنا اجتمعنا لقبست السعد مني

و بدونا بوصال في الليالي فرقدين

أبوظبي - 1970 م
ديوان وداعا أيها الليل الطويل
ص 75-77