Wednesday 23 January 2008

كي يتعلم

قصيدة "كي يتعلم" المنشورة في ديوان الأديب و الشاعر الراحل "وداعا أيها الليل الطويل" (ص 22-26) ليعلم الجيل العماني المعاصر كيف كانت الحياة قاسية وصعبة على العمانيين صغارا و كبارا ، ذكورا و إناثا ، شيبا و شبانا في فترة حكم السلطان سعيد بن تيمور حيث كانت الخدمات بشتى أنواعها شبه معدومة و البركة في ذلك ببريطانيا العظمي المتشدقة بالديمقراطية و حقوق الشعوب و حرية الرأي و الفكر.... إليكم ما قاله الأديب العماني الكبير و هو يرى زياد بن الشيخ طالب بن سعيد المعولي الطفل الذي لم يتجاوز السادسة من العمر و قد أغلق على نفسه باب المنزل في ضاحية "حولي" بدولة الكويت ... و كان ذلك عام 1964 م.

كي يتعلم

(زياد طفل أخرجه أبوه من عمان و هو لا يتجاوز السادسة ليتلقى العلم ، ذهبت لزيارة أبيه في المنزل فوجدت الطفل قد أغلق على نفسه الباب وحيدا ، فكانت هذه الخواطر)


"زياد" إذا خرج الأقربون
و جاء أبوك بصدر حنون
يقول: بني فدتك العيون
تريث هنا إننا راجعون

****

فلا تبك بل قل بصوت المطيع
لنصحكم يا أبي لن أضيع

****

سأصبر صبر الجرئ الجلود
فصبري أبي ما له حدود
و إن كنت أنت مرامي الوحيد
سأقبع في بقعة لا أحيد

****

فأحسبها مثل سد منيع
و أحبس بالعين دمعا نبيع

****

ألم أترك الأم و هي التي
على سهدها قد نمت بنيتي
و من دمعها قد سقت بشرتي
و من صبرها حبست عبرتي

****

أتذكر يوم الوداع الأخير
و قد ودعتنا بقلب كسير

****

أتذكر قولا لها ضارعا
زياد غدا فجري الطالعا
فدعه معي مؤنسا نافعا
و لا تجعلن أملي ضائعا
و ألححت أنت على أن أسير
لأطلب علما لو أني صغير

****

أتذكر إذ نحن بين القفار
نخاف إذا ما أتانا النهار
يرانا "الجنود" فنلقى الدمار
على يدهم ، إذ خرقنا الحصار
فأخرجت إبنك نحو الضياء
كما رفعت نجمة في السماء

****

تحديتهم أنت عند السفر
و هيأت لي في إغترابي مقر
سأبقى أنا لك إبنا أبر
ترى في للعلم نورا أغر
لإشراقه يستجيب القضاء
فترمي عمان سجون الشقاء

****

و قل يا "زياد": أبي ، إذهب
أنا رغم سني جلود أبي
سأبقى وحيدا و إن أتعب
ففي النوم أنسى غياب الأب
و يا ليت أمي عند الحنين
تنام ليسكن حزن دفين

****

سأمنع أذني فلا تسمع
رفاقا بجمعتهم متعوا
سأنسى الصغار و ما جمعوا
و أهجر لعبا له أبدعوا
فإني غريب و ما لي قرين
عسى الله في كشف ضري يعين

****

1 comment:

Unknown said...

ابكيتنا و الله ايها الشيخ الاديب الراحل و رحمكما الله ايها الشيخين عبدالله و طالب و طيب ثراكما. اما و الله أن العين لتدمع و الموت حق و لكن يبقى الفراق صعب. قصيدة رائعة صورت فيها اخينا الكبير زياد حيث كان العمانيون يسافرون لنهل العلم و طلب الرزق ولا فرق فيي العمر.

شكرا لكم